قراءه تحليلية للأثر الاقتصادي المباشر حول إغلاق الأراضي الفلسطينية خلال فترة الأعياد اليهودية (4-14/10/2017) علا عوض رئيس الإحصاء الفلسطيني
لطالما كان للإغلاقات وقيود الاحتلال الإسرائيلي المفروضة على الحركة التجارية الفلسطينية، والعوائق التي تحول دون وصول الفلسطينيين إلى الموارد، التأثيرُ السلبيُّ على القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الفلسطيني (العمال، والمستلزمات اللازمة للإنتاج) الضعيفة أصلاً، حيث لا تتجاوز مساهمة الصناعة في الاقتصاد الفلسطيني 14% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما تشكل التجارة الداخلية 17% منه، أما الزراعة فتساهم فقط بـ 3% من الناتج المحلي الإجمالي. |
|
وفي ظل ضعف القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الفلسطيني، والنمط الاستهلاكي السائد، ما دفع إلى الاعتماد بشكل أكبر على الواردات من السلع والخدمات، حيث تضاعف حجمها ليصل إلى 3 أضعاف الصادرات، وبعجز تجاري اقترب من 40% من الناتج المحلي الإجمالي، فضلاً عن هيمنة الاحتلال الإسرائيلي على إجمالي التبادل التجاري مع الأراضي الفلسطينية؛ سواء للصادرات أو الواردات، فإن خطة الاحتلال الإسرائيلي الأخيرة حول إغلاق الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) لفترة 11 يوماً بسبب الأعياد اليهودية (عيد العرش، وما يعقبه من أيام السبت)، وعلى الرغم من أنها خطة على المدى القصير، ولأيام باتت معلومة لدى التجار الفلسطينيين، كونها تتكرر سنوياً، فإنها تؤثر، بشكل ملحوظ، على قدرة التجار في الاحتفاظ بمخزونات كافية لتلبية احتياجات السوق الفلسطينية خلال فترة الإغلاق. وهذا يستدعي منا كفلسطينيين قطاع عام وخاص وأهلي العمل جنبا إلى جنب لزيادة القدرة الإنتاجية المحلية لنكن قادرين على مواجهة أي صدمات اقتصادية يخلقها الاحتلال الإسرائيلي في أي وقت شاء.
ومن خلال القراءة الإحصائية لبيانات السلاسل الزمنية الخاصة بمؤشرات الإقتصاد، إضافة إلى نموذج الاقتصاد الكلي، فإنه يمكن التنبؤ بثلاثة آثار مباشرة للإغلاق على اقتصادنا الفلسطيني، تتلخص في الاتي:
1. التأثير على القوى العاملة إن حرمان 128,400 عامل بالعمل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة في ظل الإغلاق لمدة 11 يوماً، سيتسبب بخسارة مباشرة تقدر بـ 71 مليون دولار أمريكي. بالرغم من استثناء حوالي 18% كعمالة منظمة من إجمالي العاملين في إسرائيل والمستوطنات 2. التجارة مع إسرائيل في ظل كون إسرائيل المنفذ التجاري الرئيس مع الاقتصاد الفلسطيني، فإن التبادل التجاري سوف يتأثر بشكل ملموس خصوصا الصادرات والواردات الفلسطينية من السلع الزراعية الطازجة، كونها لا تحتمل أي إجراءات تخزين. وتقدر الواردات الفلسطينية من السلع الزراعية الطازجة الشهرية بحوالي 7 ملايين دولار أمريكي، والصادرات منها حوالي 4 ملايين دولار أمريكي، ما يعني أن الإغلاق لفترة 11 يوماً سيؤثر بشكل مباشر على هذه السلع. يضاف إلى ذلك حوالي 1.5 مليون دولار أمريكي من السلع الطازجة؛ مثل الأعشاب والتوابل لدول الاتحاد الأوروبي عبر مطارات الإحتلال الإسرائيلي.
3. السياحة الوافدة إن الإغلاق سيكون له الأثر كذلك على السياحة الوافدة التي ستتكبد خسائر قيمتها حوالي 8.8 مليون دولار أمريكي خلال تلك الفترة.
بالتالي، فإنه من المتوقع أن يصل إجمالي الخسائر المباشرة جراء إغلاق الإحتلال للأراضي الفلسطينية لـ 11 يوماً إلى نحو 85.8 مليون دولار أمريكي.
النموذج الاقتصادي الخاص بالجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إضافة إلى الأرقام والمعطيات الإحصائية، فإن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني يعكف على استخدام النماذج الاقتصادية للتحليل والتنبؤ، ومن ضمنها النموذج الاقتصادي الخاص بمؤشرات الاقتصاد الكلي المعتمد على تحليل السلاسل الزمنية ونماذج الاقتصاد القياسي.
بالتالي، وفي ظل حرص الإحصاء الفلسطيني على فحص الاتساق العام في البيانات، فقد تم اللجوء إلى استخدام النموذج الاقتصادي الخاص بالجهاز لفحص مدى اتساق ودقة التوقعات أعلاه، ومن خلال اعتماد أسلوب المحاكاة (simulation). وقد أظهرت النتائج لهذا النموذج، أن إجمالي الخسائر المتوقعة في الناتج المحلي الإجمالي ستبلغ 86 مليون دولار جراء هذا الإغلاق لمدة 11 يوماً، حيث اعتمد النموذج على مجموعة من المدخلات وتحليل للسلاسل الزمنية وتحليل الآثار التي تعرّض لها الاقتصاد الفلسطيني في الإغلاقات السابقة.
من الجدير ذكره، أن هذا الرقم للخسائر المباشرة مرشح للزيادة إذا استمر الإغلاق لفترة تتجاوز 11 يوماً، أو إذا كانت الفترة مجهولة الأفق، حيث إن بيانات السلاسل الزمنية السابقة، تشير إلى أنه في الوقت الذي تعرضت فيه الأراضي الفلسطينية لإغلاقات متكررة، كما حدث في العام 2002، أو جراء العدوان الإسرائيلي المتكرر، فإن التأثيرات على النمو الاقتصادي كانت سلبية، وبشكل واضح، حيث ساهمت هذه الإجراءات في تراجع النمو في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تراوحت بين 10 إلى 15%.
|