سلطة جودة البيئة والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني يصدران بيانا صحفيا بمناسبة اليوم الوطني للبيئة تحت شعار
"الحق في الحياة .. الحق في البيئة"
قرر مجلس الوزراء الفلسطيني في العام 2015 اعتماد الخامس من آذار من كل عام ليكون يوماً وطنياً للبيئة الفلسطينية، وتحل هذه المناسبة في هذا العام تزامناً مع العدوان الاسرائيلي الهمجي على الشعب الفلسطيني مستهدفاً مكونات البيئة الفلسطينية بما يشمل الانسان والأرض والهواء والموارد الطبيعية في قطاع غزة والضفة الغربية على حد سواء، ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي الغاشم وحتى اللحظة فإنه يستمر باستخدام أنواع مختلفة من القذائف والمتفجرات والذخائر مستهدفا بقعة جغرافية مكتظة مساحتها لا تتجاوز 365 كيلومتر مربع يقطنها 2.3 مليون نسمة، وبكثافة سكانية تبلغ 5936 فرداً/كم2 حسب بيانات العام 2022، مما يشير بوضوح إلى نية مبيتة للقضاء على الوجود الفلسطيني بالقتل والتهجير.
تشير الإحصاءات إلى أنه ومنذ السابع من أكتوبر الماضي من العام 2023 ونتيجة العدوان والاجتياحات العسكرية المستمرة على الأرض الفلسطينية، استشهد في فلسطين ما يقارب 30,954 شهيداً في محافظات الوطن حيث بلغت النسبة الأكبر (99%) منهم في قطاع غزه بواقع 30,534 شهيداً، بينما بلغ عدد الشهداء الأطفال في القطاع 12,660 طفلاً والشهيدات من النساء 8,570 امرأة، في حين بلغ عدد الشهداء في الضفة الغربية 420 شهيداً. (وذلك حتى تاريخ 04/03/2024 الساعة 11:30)
عدد الشهداء في قطاع غزة منذ بدء العدوان 30,534 شهيداً
عدد الشهداء في الضفة الغربية منذ بدء العدوان 420 شهيداً
نتج عن هذا العدوان آثار اجتماعية واقتصادية وبيئية جسيمة، فقد أدى الى هدم ما يقارب 79,000 وحدة سكنية، وأكثر من 25,010 مبنى، بينما بلغ عدد الوحدات السكنية المتضررة جزئياً حوالي 290,000 وحدة سكنية، إضافة إلى تضرر 25 مستشفى، و99 مدرسة وجامعة قد دمرت بالكامل، كذلك أدى الى إجبار الأهالي على النزوح من أماكن سكنهم وحرمانهم من الحق بالطعام والشراب والمسكن والعلاج، تكفي الاشارة الى أنه قد نزح ما يقارب 2,000,000 مواطن داخل القطاع بعيداً عن أماكن سكناهم. (وذلك حتى تاريخ 20/02/2024)
ان عملية الهدم والتدمير الممنهج التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية التي تشنها على الأرض الفلسطينية أدت الى تراكم كميات هائلة من نفايات الهدم والركام المختلطة بكميات كبيرة من النفايات الخطرة بمختلف أنواعها خاصة المتفجرة، والتي تحتاج إلى أعوام عديدة لإزالتها ومن ثم العمل على إعادة تأهيل واعمار المناطق المدمرة حسب تقديرات الخبراء الدوليين، فضلاً عن وجود العديد من الشهداء والمفقودين تحت الركام في ظل غياب المعدات الثقيلة والمناسبة لانتشالهم مما تسبب بكارثة إنسانية واجتماعية وبيئية ممتدة ستستمر لعقود وأجيال قادمة.
استغل هذا الاحتلال الاسرائيلي انشغال العالم في العدوان الغاشم على قطاع غزة، في تسريع وتيرة بناء وتوسعة المستعمرات في الضفة الغربية، اضافة الى ذلك فقد قام الاحتلال الاسرائيلي خلال العام 2023 بهدم وتدمير ما يزيد عن 1200 مبنى ومنشأة بشكل كلي أو جزئي في الضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية)[1]. ان عملية الاستيطان غير الشرعية على الأرض الفلسطينية تنعكس آثارها البيئية والاقتصادية على قدرة المجتمع الفلسطيني على النمو والتطور كونها عمليات تستنزف الموارد الطبيعية وتعتمد على مصادرة الأراضي الزراعية لغايات بناء المستعمرات المختلفة ومنها المستعمرات الصناعية والمنشآت التي تنطوي على صناعات خطرة وتعمدها تلويث الاراضي الزراعية وتحويلها الى مكبات للنفايات الصلبة والخطرة والمياه العادمة الصناعية الخطرة.
تم هدم 1200 مبنى ومنشاة في الضفة الغربية خلال العام 2023
لا يهدف الاحتلال الاسرائيلي من خلال ممارساته اليومية في الضفة الغربية او من خلال هجومه الهمجي على قطاع غزة الى استنزاف والسيطرة على الموارد الطبيعية فحسب، بل هو يمارس كافة أدوات الحرب المحرمة دولياً كالتجويع والتعطيش، وهنا تجدر الاشارة الى معاناة سكان قطاع غزة من أزمة حادة في الحصول على المياه، وتشير التقديرات إلى أن سكان القطاع بالكاد يستطيعون الوصول الى ما بين 1-3 لتر/فرد/يوم فقط، حيث انخفضت نسبة الإمدادات من مصادر المياه بمقدار 90%، وبالتالي فإن نسبة استهلاك المياه قلت بمقدار 92% مقارنة بما قبل السابع من أكتوبر، حيث أن المحافظات الشمالية من القطاع تعاني من انعدام تام من الوصول إلى المياه الآمنة، كما اشارت تقارير الأونروا الى أن 3 من أصل 4 مواطنين في غزة يشربون مياه ملوثة الأمر الذي تسبب في انتشار الأمراض المعدية والخطيرة منها التهاب الكبد الوبائي والتهاب السحايا وكثير من الامراض المعوية والرئوية والجلدية الأخرى.
أما سياسة التجويع فتنعكس من خلال استهداف الأراضي الزراعية حيث تشير خرائط يونوسات إلى تضرر34% من المساحات الزراعية في قطاع غزة خلال شهر يناير 2024 وقد كان الضرر المباشر والأكبر في محافظات دير البلح، حيث أن الضرر قد طال 56% من المساحات الزراعية فيها 14% من الاراضي الزراعية في محافظة خانيونس، وقد أعلنت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) إلى أن ما لا يقل عن 40% من سكان قطاع غزة يعانون من جوع كارثي وهذا يشير الى ان قطاع غزة يعتبر الآن من أكثر المناطق مجاعة في العالم.
قطاع غزة يعاني من جوع كارثي
كما استهدف العدوان ومازال البنية التحتية للقطاع لتعميق المعاناة ولضمان استمرار الكارثة ويظهر ذلك من خلال منع وصول الوقود اللازم لتشغيل مضخات الصرف الصحي ومحطات المعالجة ومضخات المياه حيث توقفت 65 مضخة صرف صحي عن العمل اضافة الى توقف جميع محطات وانظمة معالجة المياه العادمة والبالغ عددها 6 عن العمل.
يتدفق حوالي 130,000 متر مكعب يومياً من مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى مياه البحر الأبيض المتوسط في قطاع غزة.
إن تدمير شبكات الصرف الصحي ومحطات المعالجة، أدى الى وقوع كارثة بيئية وصحية نتيجة تلوث المياه الجوفية والتربة ومياه البحر مما يلحق ضرراً جسيماً بمصادر المياه والأراضي الزراعية والبيئة البحرية.
في ظل استمرار هذا العدوان وما صاحبه من قصف ونزوح وقتل وتعمد تدمير كافة المؤسسات والمرافق الحيوية الأساسية، فقد تراكمت كميات ضخمة من النفايات الصلبة البلدية والنفايات الطبية في الازقة والشوارع والساحات العامة ومحيط مراكز الإيواء والمدارس وعدم قدرة البلديات على ازالتها والتخلص منها نتيجة قصف وتدمير المعدات والشاحنات والجرافات اللازمة لجمع وإزالة تلك.
لقد تسبب العدوان الاسرائيلي الغاشم على قطاع غزة بحدوث اضرار وكوارث بيئية وصحية جسيمة وتبعات اجتماعية واقتصادية خطيرة، انعكست تداعياتها على موارد البيئة الطبيعية وخلقت حالة من التحديات المجتمعية الكبيرة، وعليه فان سلطة جودة البيئة تدعو المؤسسات الدولية البيئية والصحية والانسانية منها للاضطلاع بدورها والقيام بواجباتها واتخاذ كافة الاجراءات الطارئة لوقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية والبدء بعملية تقييم الاضرار البيئية ووضع الخطط اللازمة لمعالجتها ووقف تدهور الواقع البيئي واستنزاف وتلوث المصادر الطبيعية.
الحق في الحياة ... الحق في البيئة